الإرشاد المهني اليوم لم يعد مجرد نصيحة عابرة، بل أصبح عملية عميقة تساعد الفرد على فهم نفسه وفهم احتياجات سوق العمل في الوقت نفسه. ومن خلال خبرتي في التعليم العالي، التدريب، والتطوير التنظيمي، لاحظت أن أغلب الشباب يمتلكون طموحًا كبيرًا، لكنهم يفتقرون إلى الوضوح في معرفة الخطوة القادمة، وإلى الأدوات التي تساعدهم على اتخاذ قرارات مهنية واثقة. هنا يظهر دور الإرشاد المهني في كشف القدرات الحقيقية، وتوجيه الميول بشكل صحيح، وصناعة مسار مهني مبني على وعي ومعرفة لا على التوقعات.
لقد أثبتت التجارب أن الإرشاد الجيد لا يقدّم حلولًا جاهزة، بل يمكّن الشخص من تصميم مستقبله بنفسه. النجاح المهني لا يرتبط فقط بالمؤهل، بل يرتبط بقدرة الفرد على التعلم المستمر، وبناء علاقات مهنية قوية، وقراءة تغيرات السوق مبكرًا. وفي ظل التحولات المتسارعة التي يعيشها سوق العمل السعودي، أصبحت الحاجة إلى الإرشاد أكبر من أي وقت مضى، سواء للطلاب أو الموظفين أو حتى المؤسسات التي تبحث عن مواءمة أفضل بين مهارات أفرادها واحتياجاتها الفعلية.
الإرشاد المهني يسد الفجوة بين التعليم والعمل، ويحوّل رحلة الشخص المهنية من مسار يعتمد على الصدفة إلى مسار يعتمد على التخطيط والاختيار الواعي. ومن خلال تجربتي، وجدت أن أقوى أثر يتركه المرشد المهني هو بناء الثقة لدى المسترشد، وتعليمه كيف يختار، وكيف يتعلم، وكيف يتطور. فالإرشاد المهني في جوهره ليس رسم طريق فحسب، بل تمكين الإنسان من السير فيه بثبات.
الكاتب/ د. علي آل منصور
31 أكتوبر 2025