النهايات كثيرًا ما تبدو مؤلمة، كأنها فقد أو خسارة، لكنها في حقيقتها تحوّل.
هي لحظة يختبر فيها الإنسان قدرته على التقبّل، وعلى الإيمان بأن ما مضى لم يكن عبثًا، بل إعدادًا لما هو قادم.
فبعد كل نهاية، مساحة فارغة تُفتح أمامنا، مساحة نعيد فيها تشكيل أنفسنا، ونتعلّم مما انتهى، ونستعد لبداية تحمل ملامحنا الجديدة.
كم من نهاية بدت لنا كسقوط، لكنها كانت الباب الذي عبرنا منه إلى مرحلة أنضج وأصدق، الفرص لا تظهر دائمًا في أوقات الراحة، بل غالبًا تزهر بعد النهاية، بعد التغيير، بعد الوداع.
فالنهاية ليست ختام القصة، بل ربما الصفحة الأخيرة من فصل… يُمهّد لبداية أجمل.
النهاية كنقطة تحوّل..
كثير منّا يخافها لأنها تُشبه المجهول، تُجبرنا على مواجهة الفراغ الذي يتركه ما كان مألوفًا. لكن في الحقيقة، النهايات جزء من حركة الحياة الطبيعية مثل الفصول، لا يمكن للربيع أن يأتي دون أن يمرّ الشتاء أولاً.
في لحظة النهاية، تتساقط عنا أشياء كثيرة: أدوار، علاقات، أماكن، وحتى نسخ من أنفسنا لم تعد تشبهنا.
وهنا يبدأ الاختبار الحقيقي: كيف نتعامل مع ما بعد النهاية؟
🔹 أولاً: التقبّل.
قبول أن ما انتهى، انتهى فعلاً. ليس لأنك لم تبذل، بل لأن القصص لا تُكتب كلها للنهاية التي نريدها. التقبّل لا يعني الاستسلام، بل السلام مع ما حدث، حتى تتمكن من رؤية مستقبلك وتستكمل طريقك.
🔹 ثانيًا: المراجعة.
كل نهاية تحمل رسالة خفية، درس أو تجربة تفتح بصيرتك أكثر. مهم جدا ان تتوقف قليلا للتفكير: ما الذي تعلّمته؟ ما الذي لم أكن أراه؟ هذا النوع من المراجعة يُعيد ترتيبك الداخلي، ويجعلك تبدأ من مكان أوعى.
🔹 ثالثًا: إعادة التوازن.
بعد أي تغيير أو تحوّل، يحتاج الإنسان إلى وقت لإعادة توازنه النفسي والعاطفي. لا بأس أن تتباطأ، أن تأخذ وقتك، أن تنسحب مؤقتًا لتستعيد طاقتك. التوقف يعتبر خطوة ضرورية حتى تعود بثبات.
🔹 وأخيرًا: البدء من جديد.
حين تبدأ من جديد، تأكد أنك لن تعود الشخص ذاته. كل نهاية تُعيد تشكيلك بطريقة ما، تجعل بدايتك القادمة أصدق، وأقرب لما تريد فعلًا. أحيانًا لا نعرف قيمة النهاية إلا عندما ننظر للوراء ونرى كيف بدّلتنا للأفضل.
في النهاية،
الحياة سلسلة من التجارب والدروس كل نهاية تترك فينا شيئًا يُمهّد لما بعدها.
قد لا يكون الطريق واضحًا دائمًا، لكن الإيمان بأن ما بعد النهاية يحمل شيئًا أجمل هو ما يُبقي قلوبنا حيّة ومقبلة على التجربة من جديد.